طفل علّيين - جاسم الصحيح





تشعُّ ذكراكَ حتى تمنحَ الفلكا
عِقدًا من الشهبِ في كفِّ الهدى سبَكا
ما عذر من لحتَ في ظلماء جوهره
نجمًا تسيلُ فلم يغسل بك الحلكا ؟!
يا منشأ النورِ في التاريخ مُذْ نسجت ْ
حمامةُ (الغار) من أشواقها شَبَكا
و منذُ غارِ (حراء) شقَّ عتمته
فشعَّ من سرّها ما نَوّر الفلكا
أكبرتَ معناكَ أن أصطادَ كوكبه
من ذا يمدُّ لأفلاك السما شركا ؟!
ما زلتُ غرقان في نهرين من خجلٍ
غداةَ وجهيْ على أعتابكَ انسفكا
جاءتكَ قافيتي زحفًا، وعاذرها
أن الحنينَ على أضلاعها بركا
عذر الحكايةِ إن تاهَ الحديثُ بها
فالذكرياتُ أهاجتْ خاطري فحكى:
لم تدر (آمنةٌ) يوم استقلَّ بها
شوطُ المخاضِ ، وكلُّ العالمِ ارتبكا
لم تدرِ: هل حملتْ في بطنها بشراً
أمْ يا تُرى حملت في بطنها ملَكا !!
حارَ المدىٰ .. وخيوطُ الشمسِ ناعسةٌ
خلف السحائبِ حيثُ الغيبُ خبأكا
حتى طلعتَ على الدنيا فما حبكتْ
يدُ الألوهةِ فجراً مثلك انحَبَكا
ما راعَ شمسكَ إلا أن تطلّ على
أرض خراب، و بحر خاصم السمكا !

*******

أتيتَ يا طفلَ (عليينَ) فاشتعلتْ
في جنّةِ الخلدِ حوريّاتها ضحكا
والأرضُ ألفتكَ في غاباتِ وحشتها
ناياً يرتّـل من ألحانهِ نُسُكا
من ذا يحدّكَ ميلاداً، وها هي ذي
أرحام كل الليالي قد حبلنَ بِكا !
ما زلتَ تولد أعلى كل مئذنةٍ
صوتاً تضافرَ بالأوقاتِ و اشتبكا
حقولُ زنديك ما جفّت سنابلها
في عالمٍ بات يرعى الشوكَ والحسكا
لم تبقَ في ملكوتِ الغيبِ معجزةٍ
ما توّجتكَ على أسرارها ملِكا:
كل الغمائمِ قد ألقتْ أعنّتها
إلى الغمامِ الذي بالحبِّ ظلّلكا
و اهتزّ مليونُ جذعٍ لم تزلْ نطفاً
في الغيبِ ساعةَ ذاكَ الجذع حنّ لكا
وما السماواتُ في ليلِ العروجِ سوى
خرائطُ الحبِّ قد طوّفتها سِكَكا
نشوانُ تسلك في المعراجِ مرتبةً
ما كان (جبريلُ ) في آفاقها سلَكا
( جبريلكُ) الشوقُ ما اختار (البراق) له ُ
أهدى من الشوقِ في دربِ الهوى ملكا !

*******

يا سيدي .. كم دمٍ آخيته بدمٍ
حتى صفا هذا ، وذاك زكا !
وكم طريقِ هدىً آذتك شوكتهُ
فما شكوتَ و لكنَّ الطريقَ شكا !
وربّ مارد وعيٍ في العقول صحا
غداة مصباحه في كفّك انفركا
وناقةٍ في سَبِيلِ الله نفرتها
قد بايعتكَ فسارت للردى معكَا !
يا سيدي .. أيّما فضليكَ أبخسهُ
إن قست ما نقل (الراوي) بما تركا !
ذوّبتَ سكّرة الإيمانِ في مُهجٍ
تشكو المرارةَ من حقدٍ بها فتكا
و صُنتَ كفّيكَ في أسمى عفافِهما
لمّا دعتكَ كنوزُ الأرض: هيتَ لكا
وما نفيركَ من (بدرٍ) إلى (أحدٍ)
إلا لتحيي من الإنسانِ ما هلَكا
يعلو بكَ الحقُّ في آفاقِ عزّتهِ
كي تُنزِلَ الشركَ من عليائهِ درَكا
و الجاهلونَ أرادوا الله محتكراً
فيهم، وأنت أردتَ الله مشترَكا !



طفل علّيين - جاسم الصحيح

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تغريدات الدكتور عدي الحربش وحديثه عن ديوان ( الأهلّة ) و شاعره محمد عبدالباري .

صورة العرب و الإسلام في وسائل الإعلام الغربية - محمد عابد الجابري